هل يوجد علاقة بين الغدة الدرقية ومشاكلها وبين مشاكل الوزن؟ وما المقصود بوجود علاقة بين عملية تكميم المعدة والغدة الدرقية؟ هل هذا النوع من الجراحات آمن لمرضى مشاكل الغدة الدرقية؟ من خلال المقال التالي نجيبكم بوضوح عن تلك الأسئلة كما نعرض عليكم تفاصيل أخرى إضافية مرتبطة بهذا الموضوع، فاحرصوا على المتابعة.
علاقة الغدة الدرقية بالسمنة
هناك علاقة معقدة بين أمراض الغدة الدرقية ووزن الجسم وعملية الأيض، ويُقصد بعملية الأيض هو تحويل الطعام إلى طاقة، ويمكن قياسها من خلال كمية الطاقة التي يستهلكها الجسم مع مرور الوقت. وعند الراحة يُعرف هذا بمعدل الأيض الأساسي (BMR)، ويؤثر معدل الأيض الأساسي على توازن الطاقة، وهو العلاقة بين السعرات الحرارية التي يتم تناولها والسعرات الحرارية التي يستخدمها الجسم.
وعندما يكون معدل الأيض الأساسي مرتفعًا، يتم حرق المزيد من السعرات الحرارية، مما قد يؤدي إلى فقدان الوزن. وعندما يكون منخفضًا يتم حرق سعرات حرارية أقل مما قد يؤدي إلى زيادة الوزن. وفي حالات اضطرابات الغدة الدرقية، تؤدي المستويات المرتفعة من هرمونات الغدة الدرقية إلى رفع معدل الأيض الأساسي، بينما تؤدي المستويات المنخفضة إلى انخفاضه. ومع ذلك، فإن معدل الأيض الأساسي لا يفسر وحده التغيرات في الوزن الناتجة عن مشاكل الغدة الدرقية، حيث توجد العديد من الهرمونات والبروتينات والمواد الكيميائية الأخرى التي تساهم أيضًا في هذه التغيرات.
نظرًا لأن المرضى الذين يعانون من فرط نشاط الغدة الدرقية قد يحرقون سعرات حرارية أكثر من المعتاد فقد يفقدون بعض الوزن. وتعتمد كمية الوزن المفقود على درجة فرط نشاط الغدة. ومن ناحية أخرى، بما أن فرط نشاط الغدة الدرقية يزيد أيضًا من الشهية، فقد يزداد وزن بعض المرضى، وذلك حسب كمية الطعام الإضافية التي يتناولونها.
ونظرًا لأن المرضى الذين يعانون من قصور الغدة الدرقية قد يحرقون سعرات حرارية أقل من المعتاد، فقد يتسبب ضعف نشاط الغدة في اكتساب بعض الوزن. وقد تزداد هذه الزيادة في الوزن مع تفاقم القصور في الغدة، إلا أن التغير في الوزن الناتج عن قصور الغدة الدرقية عادة لا يكون كبيرًا كما هو الحال في فرط نشاط الغدة الدرقية. وفي معظم الحالات، يعود جزء كبير من زيادة الوزن إلى احتباس الأملاح والماء في الجسم. وبالنسبة لأغلب المرضى قد تتراوح الزيادة المرتبطة بالغدة بين 4 إلى 5 كيلو جرام تقريبًا، وذلك بحسب شدة قصور الغدة الدرقية مع وجود اختلاف بين الأفراد.
العلاقة بين تكميم المعدة والغدة الدرقية
يمكن للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الغدة الدرقية الخضوع لجراحة إنقاص الوزن، وفي الواقع، تشير الأبحاث إلى أن جراحة إنقاص الوزن قد تُساهم فعليًا في تحسين وظائف الغدة الدرقية لدى المصابين بقصور الغدة الدرقية.
وأشارت دراسة أُجريت عام 2017 إلى أن جراحة السمنة، إلى جانب العلاج بهرمونات الغدة الدرقية التعويضية، يمكن أن تُساهم بنجاح في خفض مؤشر كتلة الجسم (BMI) بشكل عام. وفي هذه التجربة تحديدًا، خضع 93 شخصًا يعانون من قصور الغدة الدرقية لجراحة إنقاص الوزن، وتلقّى 83 من هؤلاء المشاركين علاجًا بهرمونات الغدة الدرقية التعويضية. وبعد مرور عام، احتاج جميع هؤلاء الأشخاص إلى جرعات أقل من العلاج، بينما لم يعد 13.2% منهم بحاجة إلى العلاج بالهرمونات التعويضية على الإطلاق.
وتُجرى حاليًا دراسات إضافية تهدف إلى تقديم فهم أعمق لأنواع جراحات السمنة المختلفة، وتهدف هذه الأبحاث إلى تحديد ما إذا كانت الإجراءات الجراحية المختلفة تؤدي إلى نتائج متباينة لدى مرضى السمنة.
هل جراحة السمنة آمنة لمرضى الغدة الدرقية؟
هل التكميم يعالج الغدة الدرقية؟
بالإضافة إلى دورها في تحقيق أهداف فقدان الوزن، تقدم جراحة السمنة فائدة أخرى للأشخاص المصابين بقصور الغدة الدرقية، فقد وجدت دراسة أُجريت عام 2019 توضح أن جراحة السمنة، وتحديدًا عملية تكميم المعدة، ساهمت في تحسّن قصور الغدة الدرقية لدى 44.5% من المرضى، وتم حلّ المشكلة بشكل كامل لدى 22.2% منهم. ومع ذلك، أظهرت الدراسة أن 33.3% من المرضى لم يلاحظوا أي تغيير في حالة قصور الغدة لديهم.
وقد دعمت دراسة سعودية حديثة نُشرت عام 2023 نتائج دراسة عام 2019، حيث أفادت بأن جراحة السمنة تُحسّن من وظائف الغدة الدرقية لدى معظم المرضى. وشملت هذه الدراسة مرضى كانوا يعانون من سمنة مفرطة وقصور ظاهر في الغدة الدرقية، وقد خضعوا جميعًا لعملية تكميم المعدة بالمنظار. وأظهرت النتائج أنه بعد العملية حدث تحسن ملحوظ في مستويات هرمون TSH لدى المرضى، كما انخفضت جرعة العلاج التعويضي لهرمونات الغدة الدرقية، إلى جانب تحسن واضح في الأعراض المرتبطة بقصور الغدة. وقد بيّنت الدراسة أن جراحة السمنة يمكن أن تُحسن بشكل كبير من وظائف الغدة الدرقية، وأن المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة غالبًا ما تظهر لديهم مستويات TSH طبيعية بعد العملية.