مع تزايد معدلات السمنة حول العالم، أصبحت جراحات السمنة واحدة من الحلول الطبية الأكثر فاعلية في مساعدة الأفراد على فقدان الوزن الزائد وتحسين صحتهم العامة. فهذه العمليات لا تقتصر فقط على إنقاص الوزن، بل تمتد فوائدها لتشمل الوقاية من العديد من الأمراض المزمنة مثل السكري، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم.
ولكن مع تنوع الخيارات والإجراءات المتاحة، قد يشعر الكثيرون بالحيرة عند التفكير في إجراء جراحة سمنة: ما هي الأنواع المختلفة؟ هل أنا مؤهل للخضوع لها؟ ما الفوائد والمخاطر؟ وكيف أستعد لها؟
في هذا الدليل الشامل، سنجيب على كل تلك التساؤلات وأكثر، لنقدّم لك كل ما تحتاج إلى معرفته حول جراحات السمنة، لأن هدفنا هو مساعدتك على اتخاذ قرار صحيح ومناسب لحالتك الصحية، وتحقيق أفضل النتائج على المدى الطويل.
ما المقصود بجراحات السمنة؟
جراحات السمنة، والتي تُعرف أيضًا بجراحات إنقاص الوزن أو عمليات التخسيس، هي مجموعة من العمليات الجراحية التي تهدف إلى مساعدة الأشخاص الذين يعانون من السمنة على فقدان الوزن. وقد يوصي الأطباء بإجراء جراحات السمنة في حالة عدم نجاح وسائل إنقاص الوزن الأخرى، وعندما تشكل السمنة خطرًا أكبر على الصحة مقارنة بالمخاطر المحتملة للجراحة.
وتعتمد جراحات السمنة على تعديل الجهاز الهضمي، عادةً المعدة، وأحيانًا الأمعاء الدقيقة، بهدف التحكم في كمية السعرات الحرارية التي يمكن للجسم استهلاكها وامتصاصها. كما يمكن لهذه العمليات أن تقلل من إشارات الجوع التي تنتقل من الجهاز الهضمي إلى الدماغ.
وتساهم هذه الإجراءات في علاج والوقاية من العديد من الأمراض المرتبطة بالسمنة، بما في ذلك مرض السكري ومرض الكبد الدهني. ومع ذلك، فإن جراحة إنقاص الوزن ليست حلًّا سحريًا أو سريعًا؛ بل تتطلب التحضير الجيد قبل الخضوع لها، إلى جانب التزام المريض بإحداث تغييرات دائمة في نمط الحياة بعد العملية لضمان نجاحها وتحقيق أفضل النتائج.
أهمية جراحات السمنة
تُجرى جراحات السمنة بهدف مساعدة المرضى على فقدان الوزن الزائد وتقليل خطر الإصابة بالمشكلات الصحية الخطيرة المرتبطة بزيادة الوزن، والتي قد تهدد الحياة. ومن بين هذه المشكلات الصحية:
- أنواع معينة من السرطانات، مثل سرطان الثدي والبروستاتا وسرطان بطانة الرحم.
- أمراض القلب.
- السكتات الدماغية.
- مرض السكري من النوع الثاني.
- ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول.
- مرض الكبد الدهني غير الكحولي
- التهاب الكبد الدهني غير الكحولي
- انقطاع النفس أثناء النوم.
وغالبًا لا يُلجأ إلى جراحات السمنة إلا بعد أن يكون المريض قد حاول إنقاص وزنه من خلال تحسين النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية، دون أن يحقق النتائج التي يرغب بها.
من المؤهل لجراحات السمنة؟
قد تكون جراحة السمنة خيارًا مناسبًا للشخص إذا:
- كان مؤشر كتلة الجسم (BMI) لديه 40 أو أكثر، وهذا المؤشر دليل على وجود السمنة المفرطة.
- إذا كان مؤشر كتلة الجسم بين 35 و39.9 (سمنة)، مع وجود مشكلة صحية خطيرة مرتبطة بالوزن الزائد.
وفي بعض الحالات، قد يكون الشخص مؤهلًا لبعض أنواع جراحات إنقاص الوزن إذا كان مؤشر كتلة الجسم لديك بين 30 و34 مع وجود مشكلات صحية خطيرة متعلقة بالسمنة. ولكن جراحة السمنة ليست مناسبة لكل شخص يعاني من الوزن الزائد؛ إذ يلزم توفر معايير وشروط معينة وعادة يجب أن يمر المريض بتقييم شاكل أولاً قبل اتخاذ القرار.
ومن الشروط الأخرى الواجب توافرها والتي تجعل الشخص مؤهلاً هو ضرورة أن يكون المريض مستعدًا لإجراء تغييرات دائمة في أسلوب حياته، والالتزام باتباع نمط حياة صحي بعد الجراحة. كما أن جراحة السمنة قد تكون مكلفة؛ لذلك يُنصح بالتحقق من التأمين الصحي أو مراجعة مكتب التأمين الصحي لمعرفة ما إذا كانت هذه الإجراءات مشمولة في وثيقة التأمين.
مخاطر جراحات السمنة
كما هو الحال مع أي إجراء جراحي كبير، توجد بعض المخاطر الصحية المرتبطة بجراحات السمنة سواء على المدى القصير أو الطويل، ويمكن أن تشمل المخاطر المحتملة لجراحات السمنة ما يلي:
- النزيف الشديد.
- العدوى.
- رد فعل تجاه التخدير.
- الجلطة الدموية.
- مشاكل في الرئة أو التنفس.
- التسريب.
أما على المدى الطويل، فتختلف المخاطر والمضاعفات بحسب نوع الجراحة التي خضع لها المريض، وقد تشمل:
- انسداد الأمعاء.
- متلازمة الإغراق: هي حالة قد تسبب الإسهال، أو احمرار الوجه، أو الدوخة، أو الغثيان، أو القيء.
- حصوات في المرارة.
- الفتق أو الفتاق.
- نقص السكر في الدم
- سوء التغذية.
- القرح.
- التقؤ
- الارتجاع الحمضي.
- الحاجة إلى إجراء جراحة أخرى.
ما هي أفضل جراحات السمنة؟
يمكن القول أن هناك أنواع مختلفة من جراحات السمنة وتحديد النوع الأفضل والمناسب يتم تحديده مع الطبيب وبعد مراجعة كل المعلومات والشروط الواجب توفرها، ومن أضمن أشهر أنواع جراحات السمنة التي يتم اللجوء لها في العديد من الحالات ما يلي:
تكميم المعدة:
تُعد عملية تكميم المعدة واحدة من أكثر جراحات السمنة شيوعًا، ومن أسباب شهرة العملية أنها إجراء بسيط وآمن نسيباً لمعظم الأشخاص، مع وجود احتمال منخفض لحدوث مضاعفات. وتعتمد العملية على إزالة جزء كبير من المعدة، حوالي 80%، بحيث يتبقى جزء صغير على هيئة أنبوب.
ويؤدي هذا التغيير إلى تقليل كمية الطعام التي يمكن تناولها في الوجبة الواحدة، ويجعل المريض يشعر بالشبع بسرعة أكبر. وبالإضافة إلى ذلك، يقل إنتاج هرمونات الجوع التي تُفرز عادة في المعدة، مما يُساعد على استقرار عملية التمثيل الغذائي، وتقليل الشهية، وتنظيم مستويات السكر في الدم.
تحويل مسار المعدة:
خلال عملية تحويل مسار المعدة يقوم الجراحون أولاً بإنشاء جيب صغير في الجزء العلوي من المعدة باستخدام دبابيس جراحية لفصله عن باقي المعدة، ثم يتم تقسيم الأمعاء الدقيقة وتوصيلها بهذا الجيب الجديد. وبذلك، يتدفق الطعام من خلال المعدة الصغيرة الجديدة مباشرة إلى الجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة، متجاوزًا بقية المعدة وجزءًا من الأمعاء.
ويُساعد هذا التغيير في الحد من كمية الطعام التي يمكن للمعدة استيعابها، وكذلك تقليل كمية العناصر الغذائية التي تمتصها الأمعاء. وبفضل هذا الجمع بين تقليل حجم المعدة وتقليل الامتصاص، تُعد هذه الطريقة أكثر فعالية مقارنة بتقليل حجم المعدة وحده.
مقدار الوزن المفقود مع جراحات السمنة
يفقد معظم الأشخاص ما يقرب من 50% من الوزن الزائد بعد إجراء جراحات السمنة، ويتمكنون من الحفاظ على هذا الوزن المفقود، وتختلف النتائج قليلًا حسب نوع الإجراء الجراحي المتبع. فعلى سبيل المثال يبلغ متوسط فقدان الوزن بعد عملية تحويل المسار حوالي 70% من الوزن الزائد. بينما يتراوح فقدان الوزن بعد عملية تكميم المعدة بين 30% إلى 80% من الوزن الزائد.
وتُقاس هذه النتائج عادة بعد فترة تتراوح بين 18 إلى 24 شهرًا من إجراء الجراحة.
نسبة نجاح جراحات السمنة
تُعتبر جراحة إنقاص الوزن ناجحة إذا تمكن المريض من فقدان 50% من وزنه الزائد والمحافظة عليه، ووفقًا لهذا المعيار، فإن معدل نجاح هذه الجراحات يصل إلى 90%. ويشهد معظم المرضى فقدانًا مستمرًا للوزن خلال أول عامين بعد الجراحة، ويلي ذلك مرحلة من الثبات أو استعادة جزء بسيط من الوزن المفقود. وفي العادة لا تتجاوز نسبة الوزن المستعاد 25%.
التعافي من جراحات السمنة
إليكم أبرز ما يجب معرفته عن مرحلة التعافي من عمليات السمنة:
مدة التعافي من جراحات السمنة
من المحتمل أن تقضي بضعة أيام في المستشفى للتعافي الأولي، يليها عدة أسابيع من الراحة في المنزل قبل أن تشعر بالاستعداد للعودة إلى العمل. وقد تحتاج إلى تجنب الأنشطة البدنية الشاقة لمدة تصل إلى ستة أسابيع، بينما قد يستغرق الأمر حتى 12 أسبوعًا قبل أن تتمكن من العودة تدريجيًا إلى نظامك الغذائي الطبيعي.
تعليمات التعافي من جراحات السمنة
في العادة، يمكنك مغادرة المستشفى خلال يوم إلى ثلاثة أيام بعد إجراء جراحة السمنة. وبعد مرور 4 إلى 6 أسابيع، يمكنك البدء تدريجيًا في العودة إلى أنشطتك اليومية المعتادة. أما عن كيفية تناول الطعام وماذا تأكل، فنظرًا لصغر حجم المعدة بعد الجراحة، ستحتاج إلى إجراء تغييرات في طريقة تناول الطعام والشراب بعد العملية. من بين التعليمات التي ينبغي اتباعها:
- تناول الطعام ببطء، مع المضغ جيدًا، وتناول كميات صغيرة فقط في كل مرة، لا سيما في المراحل الأولى من التعافي.
- تجنّب أو الحذر عند تناول الأطعمة التي قد تسبب انسدادًا في المعدة، مثل الخبز الأبيض الطري.
- تناول مكملات الفيتامينات والمعادن بانتظام.
وسيتم تزويدك أيضًا بخطة غذائية مخصصة بعد العملية. تختلف هذه الخطة من شخص إلى آخر، ولكنها غالبًا تتبع النمط التالي:
- أول أسبوعين: الماء والسوائل
- الأسبوع الثالث والرابع: الأطعمة السائلة (مثل الزبادي أو الطعام المهروس).
- من الأسبوع الخامس إلى الثامن: الأطعمة الطرية (مثل البطاطس المهروسة).
- من الأسبوع الثامن فصاعدًا: العودة التدريجية إلى نظام غذائي صحي ومتوازن.
وأما عن ممارسة الرياضة فقد يتم وضع خطة رياضية خاصة لك بهدف منع فقدان الكتلة العضلية أثناء فقدان الوزن. وعادةً ما تشمل هذه الخطة زيادة النشاط البدني تدريجيًا مع تقدم مراحل التعافي بعد الجراحة.
كما سيُطلب منك حضور مواعيد متابعة منتظمة تستمر مدى الحياة. وعادةً ما تكون هذه المتابعات في عيادات جراحات السمنة خلال أول عامين بعد الجراحة، ثم قد تتحول إلى متابعة سنوية. وتشمل مواعيد المتابعة عادة:
- تحاليل دم دورية لمتابعة مستويات الفيتامينات والمعادن في الجسم.
- فحوصات عامة للحالة الصحية.
- تقديم نصائح ودعم بخصوص النظام الغذائي والتمارين الرياضية.
- توفير دعم عاطفي أو نفسي عند الحاجة.
اقرأ أيضاً: من هو أفضل جراح سمنة في مصر؟