تُعد عملية تكميم المعدة من أكثر جراحات السمنة شيوعًا وفعالية، فهي لا تساعد فقط على فقدان الوزن الزائد، بل تفتح أيضًا الطريق لحياة أكثر صحة ونشاطًا. ومع ذلك، يظل لدى المرضى الكثير من التساؤلات حول فترة التعافي، وزوال الألم، ومتى تلتئم المعدة بعد التكميم بشكل كامل؟ بالإضافة إلى أسئلة أخرى تتعلق بمرحلة الخطر، العودة للحياة الطبيعية، وممارسة الأنشطة اليومية. في هذا المقال، نجيب على أبرز هذه الأسئلة الطبية الشائعة بدقة ووضوح، لنمنحك صورة متكاملة عن رحلة التعافي بعد التكميم وما يمكن توقعه خطوة بخطوة.
لمن تكون عملية تكميم المعدة؟
عملية تكميم المعدة تُعتبر من أشهر وأوسع جراحات علاج السمنة انتشارًا في السنوات الأخيرة، وهي تقوم على استئصال جزء كبير من المعدة قد يصل إلى 70 – 80% من حجمها الأصلي. والهدف من هذا الاستئصال ليس فقط تقليل سعة المعدة، وإنما أيضًا تقليل إفراز هرمون “الجريلين” المسؤول عن الإحساس بالجوع، مما يساهم في تقليل الشهية بشكل طبيعي ويساعد المريض على تناول كميات أقل من الطعام.
وبعد العملية، يصبح شكل المعدة الجديد شبيهًا بالأنبوب الرفيع أو ثمرة الموز، ويكون حجمها الجديد تقريبًا عُشر الحجم السابق، الأمر الذي يجعل المريض يشعر بالامتلاء والشبع بسرعة أكبر مع كميات قليلة من الطعام، وهو ما يؤدي تدريجيًا إلى فقدان الوزن عند الالتزام بالتعليمات الطبية والأنظمة الغذائية المقررة بعد الجراحة.
ولا يتم ترشيح العملية لكل شخص يعاني من زيادة الوزن العادية، بل هناك معايير واضحة يجب أن تنطبق على المريض قبل اتخاذ القرار بإجرائها، ومن أهمها:
- أن يكون مؤشر كتلة الجسم (BMI) أعلى من 40، وهو ما يُصنّف بالسمنة المفرطة التي يصعب السيطرة عليها بالطرق التقليدية.
- أن يتراوح مؤشر كتلة الجسم بين 35 و40 مع وجود مشكلات صحية مرتبطة بالسمنة مثل مرض السكّري من النوع الثاني، أو ارتفاع ضغط الدم المزمن، أو اضطرابات التنفس أثناء النوم، حيث تساعد العملية في تحسين هذه الحالات والسيطرة عليها.
- أن يمتلك المريض الاستعداد النفسي الكامل والوعي الكافي بضرورة تغيير نمط حياته بعد العملية، سواء من خلال الالتزام بالحمية الغذائية الموصوفة، أو ممارسة النشاط البدني بانتظام، أو المتابعة الدورية مع الطبيب لضمان الوصول إلى أفضل النتائج.
وعملية تكميم المعدة ليست مجرد إجراء جراحي لإنقاص الوزن، بل هي بداية لرحلة جديدة نحو أسلوب حياة صحي وأكثر نشاطًا، وتتطلب إرادة حقيقية ورغبة في التغيير من أجل الحفاظ على النتائج على المدى الطويل.
متى تلتئم المعدة بعد التكميم؟
هناك فرق بين العودة إلى ممارسة الأنشطة اليومية وبين الوصول إلى الشفاء التام، فمع مرور الوقت بعد إجراء عملية تكميم المعدة، ستتمكن تدريجيًا من تناول الطعام بشكل أكبر والانخراط في نمط حياة أكثر نشاطًا. كما ستشعر بانخفاض التعب وتعود إلى روتينك المعتاد خلال بضعة أسابيع من العملية المفتوحة، ومع ذلك فإن المعدة تظل في مرحلة التعافي.
في المتوسط، تحتاج الجروح الخارجية إلى حوالي 2–3 أسابيع للالتئام، بينما يستغرق خط التدبيس في المعدة ما بين 6–8 أسابيع حتى يلتئم. وبعد مرور شهر واحد، يتمكن معظم الأشخاص من البدء في ممارسة التمارين الرياضية بانتظام ويكونون في طريقهم نحو التعافي الكامل.
متى تنتهي مرحلة الخطر بعد التكميم؟
عادةً ما يتمكن المرضى من العودة إلى أعمالهم في غضون أسبوعين بعد الجراحة، لكن المدة تختلف حسب طبيعة العمل، فالأشخاص الذين يعملون في مكاتب يمكنهم استئناف عملهم أسرع، بينما قد يحتاج من يقومون بأعمال شاقة إلى فترة أطول. لذلك يُنصح دائمًا باستشارة الطبيب حول الوقت المناسب للعودة إلى العمل.
ومن المهم التمييز بين استعادة القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية وبين الوصول إلى مرحلة التعافي التام، فمع مرور الوقت بعد العملية، يبدأ المريض تدريجيًا في تناول كميات أكبر من الطعام والانخراط في أسلوب حياة أكثر نشاطًا. وخلال بضعة أسابيع، تقل مستويات التعب ويصبح من الممكن العودة إلى الروتين الطبيعي، مع استمرار التئام الجروح الداخلية والخارجية.
وبشكل عام، تلتئم جروح المنظار في البطن خلال 2–3 أسابيع، بينما يحتاج خط التدبيس في المعدة إلى نحو 6–8 أسابيع ليكتمل شفاؤه. وبعد مرور شهر تقريبًا، يتمكن معظم المرضى من البدء في ممارسة التمارين الرياضية بشكل طبيعي، وتكون بذلك مرحلة الخطر الأساسية قد انتهت، مع استمرار التحسن التدريجي نحو التعافي الكامل.
متى يزول الألم بعد عملية التكميم؟
بشكل عام، يشعر المريض بعد العملية بدرجة من الانزعاج أو الألم تتراوح بين الخفيف والمتوسط، ويتركز غالبًا حول مواضع الشقوق الجراحية، خاصةً الجرح الذي أُخرج من خلاله الجزء المستأصل من المعدة. كثير من المرضى يصفون هذا الإحساس بأنه شبيه بآلام العضلات بعد أداء تمارين البطن المكثفة، وهو شعور محتمل مقارنة بحجم العملية.
إلى جانب ألم جدار البطن، يواجه معظم مرضى التكميم شعورًا بالضغط في أعلى البطن أو أسفل الصدر، وهذا الإحساس لا ينتج عن الشقوق الجلدية أو حتى عن المعدة نفسها، وإنما عن التغيّر المفاجئ في سعة المعدة، وبالتالي تصبح كميات الهواء الصغيرة التي نبتلعها عادةً، أو حتى اللعاب، كافية لخلق شعور بالامتلاء الشديد وكأن المعدة مليئة بشكل مفرط. هذا الضغط يشبه الإحساس الذي يحدث عند شرب مشروب غازي بسرعة، فيؤدي إلى انتفاخ البطن والحاجة إلى التجشؤ أو إخراج الغازات.
وهذا التغيّر يحدث خلال دقائق، لكن الجسم والعقل يحتاجان إلى ساعات للتأقلم مع حجم المعدة الجديد. وتزداد هذه الأعراض خلال أول 24–48 ساعة نتيجة الالتهاب الطبيعي في بطانة المعدة بعد العملية، وهو ما يمكن تشبيهه بانتفاخ الشفاه عند التعرّض لضربة، لكن مع مرور الوقت يبدأ التورم في الانخفاض تدريجيًا.
ويُعتبر المشي من أبسط الطرق وأكثرها فعالية لتخفيف هذا الانزعاج، لأنه يساعد على طرد الغازات والتقليل من الضغط الداخلي، ولهذا السبب يُنصح المرضى بالبدء في الحركة بمجرد القدرة على ذلك بعد العملية، دون إجهاد. وبالطبع يتم إعطاء أدوية مسكّنة للألم خلال الساعات الأولى، لكن العلاج الأساسي لهذا الإحساس هو الوقت والحركة. وبعد بضعة أيام يلاحظ معظم المرضى زوال هذا الانزعاج تدريجيًا مع استمرار تعافي المعدة وعودة الأمور إلى طبيعتها.
اقرأ أيضاً: نصائح واستراتيجيات مختلفة للتعامل مع الألم بعد عملية التكميم