عملية تكميم المعدة تُعد من أكثر جراحات السمنة شيوعًا وفعالية في السنوات الأخيرة، حيث يلجأ إليها الكثير من الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة كحل جذري يساعدهم على فقدان الوزن وتحسين جودة حياتهم. ومع انتشار هذه الجراحة، تزداد التساؤلات حول آثارها الجانبية والإيجابية على المدى القصير والطويل، خاصة فيما يتعلق بالحالة النفسية للمريض بعد العملية، مثل الشعور بالاكتئاب أو التقلبات المزاجية. وفي هذا المقال، نستعرض بشكل مفصل أبرز الآثار الإيجابية والسلبية لعملية التكميم، ونناقش ما إذا كان الاكتئاب بالفعل أحد المضاعفات المحتملة، أم أنه مرتبط بعوامل أخرى نفسية وسلوكية وكيف عند اختيار الطبيب المناسب كل تلك المخاوف يمكن أن تختفي، فاحرصوا على المتابعة.
اثار عملية التكميم الإيجابية
عملية تكميم المعدة أو Sleeve Gastrectomy تُعتبر من أكثر جراحات السمنة شيوعًا وفعالية، وهي تتفوق على العديد من الإجراءات الجراحية الأخرى بفضل مجموعة من الفوائد المثبتة مثل:
- خسارة كبيرة ومستمرة في الوزن، حيث تُظهر الدراسات أن المرضى يفقدون في المتوسط ما بين 60% إلى 70% من وزنهم الزائد خلال أول 12 إلى 18 شهرًا بعد العملية. ويُعد هذا التحسّن في الوزن مستقرًا نسبيًا على المدى الطويل لدى معظم المرضى، بشرط الالتزام بنمط حياة صحي.
- تحسن واضح أو شفاء من الأمراض المصاحبة للسمنة، فأظهرت العملية نتائج ممتازة في تحسين العديد من الحالات الصحية المرتبطة بالسمنة، أبرزها:
- داء السكري من النوع الثاني: يحدث تحسّن أو شفاء كامل في نسبة كبيرة من الحالات، حتى قبل فقدان الوزن الكامل، نتيجة لتغيرات في الهرمونات.
- ارتفاع ضغط الدم: ينخفض بشكل كبير بعد العملية، مما يقلل الحاجة إلى الأدوية.
- توقف التنفس أثناء النوم (Sleep Apnea): يتحسن بشكل ملحوظ بعد انخفاض الوزن.
- عسر شحميات الدم (Dyslipidemia): تنخفض مستويات الدهون الضارة ويرتفع الكوليسترول الجيد.
- تحسن حالة المفاصل، والحالة النفسية، ومستويات النشاط العام.
- تقليل الشهية بشكل كبير، فمن أبرز مميزات التكميم أنها لا تقتصر فقط على تقليص حجم المعدة، بل تؤثر أيضًا على الجهاز الهضمي الهرموني. فإزالة الجزء العلوي من المعدة يؤدي إلى انخفاض كبير في هرمون الجريلين (Ghrelin)، وهو الهرمون المسؤول عن تحفيز الشهية، مما يساعد على تقليل الإحساس بالجوع بشكل ملحوظ.
- إجراء غير معقد نسبيًا مقارنةً بالعمليات الأخرى، فعلى الرغم من فعاليتها، فإن عملية التكميم لا تتضمن تحويل مسار الأمعاء ولا تحتاج إلى زراعة جسم غريب مثل الحلقات، مما يقلل من المضاعفات طويلة الأمد مثل سوء الامتصاص أو انسداد الأمعاء.
- نتائج مستقرة على المدى البعيد، فوفقًا للدراسات طويلة المدى، فإن نسبة كبيرة من المرضى تحتفظ بفقدان الوزن المحقق بعد 5 سنوات من الجراحة، كما تستمر الفوائد الصحية المرتبطة بتحسن الأمراض المصاحبة.
اثار عملية التكميم السلبية
قد يعاني بعض الأشخاص من مضاعفات وآثار جانبية بعد عملية تكميم المعدة، وقد تظهر هذه الأعراض خلال أيام أو شهور من الجراحة. وتتحسن بعض هذه الآثار مع مرور الوقت، لكن من الممكن أن تستمر بعض المشكلات حتى بعد سنوات من العملية. وقد تتضمن بعض الآثار السلبية المحتملة ما يلي:
- عسر الهضم: يلاحظ بعض المرضى ازديادًا في عسر الهضم أو اضطراب المعدة، ويُعتقد أن السبب هو صغر حجم المعدة أو التغيرات في حركة الطعام داخل الجهاز الهضمي.
- الغثيان: الغثيان من الأعراض الشائعة بعد عملية التكميم، وفي أغلب الحالات، يتحسن الغثيان مع التعافي، لكن بعض المرضى قد يعانون منه لعدة أشهر أو لفترة أطول. والسبب غير واضح، لكنه قد يكون ناتجًا عن بقاء الطعام في المعدة لفترة أطول. ويمكن استخدام أدوية مضادة للغثيان لتخفيف الأعراض.
- الإسهال: يصاب بعض الأشخاص بالإسهال بعد الجراحة نتيجة تغير توازن البكتيريا في الأمعاء أو بسبب مرور مغذيات غير مهضومة إلى الأمعاء الدقيقة. والإسهال يمكن أن يؤدي إلى الجفاف أو سوء التغذية. وإذا لم يتحسّن تلقائيًا، يُنصح بمراجعة طبيب مختص بأمراض الجهاز الهضمي.
- ترهّل الجلد: عند اكتساب وزن زائد، يتمدد الجلد، ولهذا السبب فإن ترهّل الجلد شائع بعد جراحات فقدان الوزن. ويظهر عادة خلال أشهر من الجراحة. وقد يُوصي الطبيب بإجراء جراحة لإزالة الجلد الزائد، لكن غالبًا بعد استقرار الوزن لمدة تتراوح بين سنة وسنتين.
- انسداد في المعدة: هو ضيق في مخرج المعدة يعيق عملية الهضم، وقد يؤدي أحيانًا إلى انسداد المعدة. وعادةً ما يحدث هذا في غضون الأسابيع الستة الأولى بعد العملية، ويمكن إصلاحه جراحيًا عن طريق توسيع الجزء المتضيّق.
مضاعفات طويلة الأمد لعملية التكميم
يمكن أن تُسبب عملية تكميم المعدة مضاعفات خفيفة أو شديدة تظهر بعد شهور أو حتى سنوات من الجراحة. وإذا كنت تشعر بالقلق من أي مضاعفات طويلة الأمد، فتحدث مع طبيبك. وقد تتضمن بعض المضاعفات طويلة الأمد ما يلي:
- استعادة الوزن: في الغالب، يبدأ البعض في اكتساب الوزن مجددًا في السنة الثالثة بعد الجراحة، خصوصًا من لم يلتزم بتغيير نمط حياته. وقد يستعيد البعض جزءًا أو كل الوزن الذي فُقد سابقًا.
- عدم تحمّل بعض الأطعمة: بعد العملية، تقل قدرة المريض على تناول كميات كبيرة من الطعام، وقد يجد صعوبة في هضم بعض الأنواع مثل اللحوم الحمراء، الأرز، المعكرونة، والخبز.
- الفشل في فقدان الوزن: في البداية، لا تتسع المعدة لأكثر من نصف كوب من الطعام، لكن مع الوقت قد تتمدد، وإذا بدأ المريض بتناول كميات أكبر، قد يتوقف فقدان الوزن. ويحدث هذا أحيانًا إذا كان الجيب المعدي كبيرًا منذ البداية أو في حال عدم الالتزام بتعليمات ما بعد الجراحة.
- سوء التغذية: سوء التغذية هو عدم حصول الجسم على ما يكفي من العناصر الغذائية، ويمكن أن يظهر حتى بعد سنوات من الجراحة. وقد يواجه بعض المرضى صعوبة في تلبية احتياجاتهم الغذائية بسبب انخفاض كمية السعرات، خاصة في حال وجود إسهال أو غثيان. وقد يوصي الطبيب بتناول الفيتامينات والمعادن أو الأدوية للحفاظ على الصحة.
- ارتجاع المريء: يُعد الارتجاع الحمضي وحرقة المعدة من المضاعفات الشائعة التي قد تظهر حتى بعد عام من الجراحة. وتشمل الأعراض الانتفاخ، الشعور بالامتلاء واضطراب في المعدة. وقد تُساعد أدوية تقليل الحموضة في تخفيف هذه الأعراض.
- قرحة المعدة: تُعد قرحة المعدة (القرحة الهضمية) أكثر شيوعًا بعد التكميم، ويمكن أن تظهر بعد أشهر أو سنوات من الجراحة. وأعراضها تشمل براز داكن شبيه بالقطران، قيء يحتوي على دم وألم في منطقة المعدة. وعادةً ما تُكتشف القرحة من خلال تنظير الجهاز الهضمي العلوي.
- حصوات المرارة: تُعد حصوات المرارة، وهي تكتلات صلبة تتكون في المرارة، أكثر شيوعًا بعد أي جراحة لإنقاص الوزن، وغالبًا ما تظهر خلال 18 شهرًا بعد العملية.
- الفتق الجراحي: يحدث الفتق عندما يندفع عضو داخلي عبر نقطة ضعيفة في العضلات أو الأنسجة. وعلى الرغم من أن الفتق أقل شيوعًا في العمليات التي تُجرى بالمنظار، مثل التكميم، إلا أنه قد يظهر بعد أشهر أو سنوات من الجراحة، ويبدو كأنه انتفاخ في موضع الجرح الجراحي.
هل الاكتئاب من آثار عملية التكميم؟
تشير الأدلة العلمية إلى أن معدل الإصابة بالاكتئاب بعد جراحات السمنة، بما في ذلك تكميم المعدة، يُعد مرتفعًا نسبيًا، حيث تُظهر الدراسات أن بعض المرضى قد يختبرون أعراضًا نفسية بعد العملية، خاصة في المدى الطويل. وعلى الرغم من أن معظم المرضى يمرون بفترة من التحسن النفسي نتيجة فقدان الوزن وتحسن الحالة الصحية العامة، إلا أن نسبة من الخاضعين للجراحة قد يُعانون لاحقًا من اضطرابات مزاجية مثل الاكتئاب أو القلق.
وأسباب ذلك متعددة، منها التغيرات الهرمونية والبيولوجية الناتجة عن العملية، إلى جانب التحديات النفسية المرتبطة بتغير نمط الحياة أو صورة الجسد. كما يرتبط الأمر أحيانًا بتاريخ سابق لاضطرابات نفسية، أو ضعف في أنظمة الدعم الاجتماعي.
والدراسة تؤكد أن هذه المشكلات النفسية يمكن أن تؤثر على جودة الحياة بعد الجراحة، وتُشير إلى أهمية تقييم الحالة النفسية للمرضى قبل العملية، ومتابعتهم بانتظام بعدها، لضمان تقديم الدعم المناسب في الوقت المناسب.
الوقاية من اثار عملية التكميم
قبل وبعد إجراء عملية تكميم المعدة، هناك بعض الاحتياطات والنصائح المهمة التي يمكن أن تُساعد في الوقاية من المضاعفات وتحسين نتائج الجراحة.
قبل العملية:
قبل الجراحة، يُنصح باتخاذ بعض الإجراءات لتقليل مخاطر عملية التكميم، ومن أبرزها:
- الالتحاق ببرنامج توعوي خاص بجراحات السمنة.
- الحصول على استشارات غذائية من اختصاصي تغذية.
- الخضوع لاستشارات نفسية لتحضير الحالة الذهنية للجراحة وما بعدها.
- إجراء فحص بدني شامل، وتحاليل دم، وتصوير للمعدة عند الحاجة.
- الإقلاع عن التدخين قبل العملية بعدة أشهر.
- إيقاف أدوية مميعة للدم مثل الأسبرين.
- فقدان بعض الوزن قبل الجراحة لتحسين نتائجها وتقليل المخاطر.
بعد العملية:
بعد الجراحة، هناك خطوات مهمة يجب اتباعها لتسريع الشفاء وتقليل احتمالية حدوث مضاعفات:
- ممارسة التمارين الرياضية، إذ تُساعد في تسريع التعافي وتقليل خطر تكوّن الجلطات.
- مواصلة تمارين التنفس أو السعال التي تعلّمتها من فريق الرعاية الصحية، لأنها تُقلل من احتمالية الإصابة بعدوى الرئة وتحسّن الدورة الدموية.
- الحفاظ على الترطيب بشرب الماء بانتظام لتخفيف الغثيان والمساعدة في الهضم.
- الاستعانة بشخص للمساعدة في النظافة الشخصية أو المهام البدنية والدعم النفسي عند الحاجة.
- الانضمام إلى مجموعة دعم تضم أشخاصًا خاضوا تجارب مشابهة، للحصول على تشجيع وتوجيه.
وللحد من مضاعفات عملية تكميم المعدة، قد يُطلب منك تجنّب أو تقليل ما يلي:
- الكحول
- التدخين
- الأطعمة السكرية أو النشوية
النظام الغذائي بعد الجراحة:
من الضروري مراقبة نوع وكمية الطعام الذي يتم تناوله بعد أي نوع من جراحات السمنة. ويجب دائمًا اتباع التعليمات الغذائية المحددة من الطبيب أو اختصاصي التغذية، ولكن بشكل عام، تشمل الإرشادات الغذائية بعد العملية:
- تناول ما بين 60 إلى 80 جرامًا من البروتين يوميًا
- توزيع الكربوهيدرات بنسبة تتراوح بين 35% إلى 48% من النظام الغذائي
- الحفاظ على معدل السعرات اليومية بين 1000 إلى 1400 سعرة حرارية
يشعر كثير من المرضى بالقلق من احتمالية التعرض لمضاعفات أو آثار جانبية بعد إجراء عملية تكميم المعدة، إلا أن هذا القلق يزول تمامًا عند إجراء العملية على يد الأستاذ الدكتور رامي حلمي، استشاري جراحات السمنة والمناظير بكلية الطب جامعة عين شمس.، حيث تمتع الدكتور رامي بخبرة تتجاوز 20 عامًا في مجال جراحات السمنة، أجرى خلالها آلاف العمليات الناجحة باستخدام أحدث تقنيات المناظير الجراحية الدقيقة.
كما أنه عضو بالجمعية الأوروبية لجراحات السمنة، مما يضمن التزامه بأعلى المعايير العالمية في الجودة والسلامة. وبفضل هذه الخبرة الواسعة، والمهارة الدقيقة في التعامل مع مختلف الحالات، تكاد تكون نسبة المضاعفات بعد الجراحة في عيادته منعدمة. كما يحرص الدكتور على تقييم كل حالة بدقة، واختيار التقنية الأنسب لها، بالإضافة إلى تقديم رعاية ما بعد الجراحة بشكل متكامل، مما يمنح المريض رحلة علاج آمنة ونتائج فعالة دون قلق.