تمثّل جراحات السمنة اليوم واحدة من أكثر الحلول فعالية لعلاج السمنة المفرطة والأمراض المصاحبة لها، لكن النجاح الحقيقي لا يعتمد فقط على نوع العملية، بل على رحلة علاج متكاملة تبدأ منذ لحظة دخول المريض للعيادة وتستمر حتى الوصول إلى وزن صحي وحياة أكثر راحة.
ومع د. رامي حلمي، استشاري جراحات السمنة والمناظير وأستاذ جامعة عين شمس، تتحول هذه الرحلة إلى تجربة طبية منظمة تعتمد على التقييم الدقيق، الاختيار السليم لنوع العملية، التحضير الآمن قبل الجراحة، والمتابعة المستمرة بعد العملية لضمان أفضل النتائج.
في هذا المقال نستعرض بالتفصيل مراحل رحلة علاج المريض داخل مركز د. رامي حلمي، بداية من الكشف الأول وفهم حالة المريض، مرورًا باختيار العملية الأنسب لحالته، ثم مرحلة التحضير للجراحة، وصولًا إلى المتابعة بعد العملية والتأكد من استمرار نزول الوزن وتحسّن جودة الحياة، فتابعوا التالي.
رحلة علاج المريض: الكشف الأول مع د. رامي
تبدأ رحلة المريض مع د. رامي حلمي من اللحظة الأولى التي يصل فيها إلى العيادة، حيث تعتمد عملية التقييم على منهج علمي دقيق يجمع بين الفحوصات الطبية والتحليل الشامل للصحة العامة والعادات. في الزيارة الأولى، يتم قياس مؤشرات الوزن، نسبة الدهون، وحساب مؤشر كتلة الجسم (BMI) لتحديد درجة السمنة وتصنيف الحالة بدقة. كما يتم مراجعة الأمراض المصاحبة مثل الضغط، السكر، تكيّس المبايض، توقف التنفس أثناء النوم، ارتجاع المريء، وارتفاع الكوليسترول، لأنها عوامل مؤثرة في اختيار نوع العملية وتحديد مدى الاستفادة منها.
كما يناقش الطبيب التاريخ الغذائي والسلوكي للمريض كعادات الأكل اليومية، الشهية، نوبات الجوع، أوقات تناول الطعام، ونوعية النظام الغذائي المعتاد. كذلك يتم سؤال المريض عن محاولات فقدان الوزن السابقة ونسب النجاح والفشل فيها. وهذا يُمكّن الفريق الطبي من بناء رؤية واضحة عن أسباب زيادة الوزن، وهل هي مرتبطة بالعادات، أم الهرمونات، أم بنمط الحياة قليل الحركة.
ويحتاج الطبيب في كثير من الحالات إلى إجراء تحاليل أولية تشمل صورة دم كاملة، وظائف كبد وكلى، هرمونات الغدة الدرقية، مستوى السكر التراكمي، وموجات صوتية على البطن. والهدف ليس فقط تقييم مناسبة المريض للجراحة، بل تحديد المخاطر ومنع أي مضاعفات مستقبلية. وفي نهاية الكشف، يُقدّم الطبيب توصيات أولية وخطة واضحة لما يمكن أن يقدمه للمريض، ويشرح الخطوات التالية في الرحلة العلاجية بدقة وشفافية.
رحلة علاج المريض: اختيار العملية المناسبة لكل حالة
بعد تقييم الحالة بدقة، ينتقل د. رامي حلمي إلى مرحلة هامة وهي اختيار العملية الأنسب لكل مريض. ولا يعتمد الطبيب على اختيار ثابت أو عملية واحدة للجميع، بل يتم تطبيق مبدأ “العلاج المخصّص” وفقاً لكل حالة كل فرد. ويتم تحديد نوع الجراحة اعتمادًا على عدة معايير:
- مؤشر كتلة الجسم (BMI) ودرجة السمنة.
- نمط الأكل والسلوك الغذائي
- وجود ارتجاع شديد بالمريء مما قد يجعل التكميم غير مناسب أحيانًا.
- الأمراض المصاحبة مثل السكر من النوع الثاني قد يستفيد أكثر من عمليات التحويل.
- العمليات السابقة إن وُجدت، إذا كان المريض خضع لجراحات سمنة غير ناجحة أو يحتاج إلى جراحة تصحيحية.
وبناءً على هذه العوامل يقدم الطبيب الخيارات المتاحة مع شرح كل حالة:
- تكميم المعدة
- تحويل المسار
- عملية الساسي (SASI)
- بالون المعدة والكبسولة الذكية
في هذه المرحلة، يهتم د. رامي حلمي بتثقيف المريض وإشراكه في القرار، بحيث يفهم كل مريض لماذا هذه العملية بالذات هي الأنسب لحالته وكيف ستغيّر حياته. والشرح يشمل الفوائد المتوقعة، نسب النزول في الوزن، المخاطر المحتملة، وطريقة المتابعة بعد العملية.
رحلة علاج المريض: التحضير للعملية
هذه المرحلة تُعدّ أساس نجاح العملية وتجنّب أي مضاعفات. ويشدد د. رامي حلمي على اتباع بروتوكول تحضير واضح يبدأ بالتحاليل الشاملة مثل:
- صورة دم كاملة
- سكر تراكمي
- فحص وظائف الكبد والكلى
- تحليل فيتامينات (D – B12 – الحديد)
- أشعة مقطعية أو موجات صوتية حسب الحاجة
- تقييم القلب والتخدير قبل الجراحة
وبعد مراجعة النتائج، يضع الطبيب خطة غذائية لمرحلة ما قبل العملية قد تشمل نظامًا منخفض السعرات لمدة أسبوعين لتقليل دهون الكبد وتحسين سهولة العملية بالمنظار. كما يتم إعطاء تعليمات بالتوقف عن التدخين وعلاجات سيولة الدم إذا لزم الأمر. وفي جلسة التحضير الأخيرة، يشرح الطبيب للمريض ما سيحدث يوم العملية بالتفصيل:
- الصيام اللازم
- خطوات الدخول لغرفة العمليات
- طريقة التخدير
- مدة العملية
- ما سيشعر به المريض بعد الإفاقة
كما يستعرض الفريق الطبي الأدوات الجراحية الحديثة المستخدمة وأحدث تقنيات المنظار لضمان أعلى مستويات الأمان وتقليل الألم والنزيف. وهذه المرحلة تمنح المريض اطمئنانًا كبيرًا وتجعله جاهزًا بدنيًا ونفسيًا ليوم الجراحة.
رحلة علاج المريض: ما بعد العملية والمتابعة
يمر المريض بعد العملية بعدة مراحل، ويولي د. رامي حلمي اهتمامًا بالغًا لكل مرحلة لضمان أفضل نتائج ممكنة. وتبدأ الرعاية في غرفة الإفاقة حيث تتم متابعة العلامات الحيوية والتحكم في الألم باستخدام وسائل حديثة مثل جهاز PCA الذي يسمح بتسكين الألم بأمان دون جرعات زائدة.
وخلال الـ 24 ساعة الأولى، يقوم الطبيب وفريقه بمتابعة الجروح، مستوى السوائل، القدرة على الحركة، وإعطاء التعليمات الأولية عن شرب السوائل. بعد الخروج من المستشفى، يحصل المريض على جدول غذائي متدرج يشمل:
- أسبوع سوائل
- أسبوع بروتين خفيف
- ثم مراحل الطعام اللين فالمهروس ثم الصلب
وخلال هذه الفترة يتم التأكيد على تناول الفيتامينات والمكملات الأساسية لتجنب أي نقص غذائي خاصة في عمليات التحويل.
وتتم زيارات متابعة منظمة تشمل:
- متابعة الجروح
- قياس الوزن شهريًا
- تقييم تقدم نزول الوزن
- ضبط الفيتامينات
- تعديل النظام الغذائي
- تقديم دعم نفسي
- متابعة التحسن في الأمراض المصاحبة مثل السكر والضغط
يمتد البرنامج العلاجي لمدة طويلة بعد الجراحة لضمان وصول المريض إلى أفضل نتيجة من حيث الوزن والمظهر وجودة الحياة. وكثير من المرضى يلاحظون تحسنًا واضحًا في الحركة، النوم، النفس، المزاج، والثقة بالنفس.